لست أدري من أي كوكب قد أتي،
أتُراه قد جاء من عُطارد، أم أنه قد جاء من المريخ... لا أدري!
و لكني رأيته مزدحما، يعج
بركابه... يعج بأفكاره. لا تحمله قضبان، و إنما الريح التي سرت به فصرت لا أدري،
أهو يسيّرها، أم أنها تقتلعه من الأرض اقتلاعا!
قطار، قد سري كشعاع، يحمل في
طياته نبض ركابه، فأري امتزاج الحوار الواسع بالثورة القاسية، و الجرأة الحيية بالغضب
المقتضب، و القلب القريب بالحدة البالغة. فتألف عيني التناقض الذي لم تعهد رؤيته في مكان
واحد... أو زمان واحد.
رأيته ذات يوم ينشد بلاده العالية،
و قد أحاطها سياج منيع؛ لم ينقبه يوما متسلل، و إنما_فقط_ محب... تلك البلاد الواسعة،
التي إن حظيتَ فيها بجولة، فلكم سيمتعك، و يدهشك، بل و يرهقك ما قد تري!!
قطار، ربما لا يزال يواصل مشواره
البعيد، و بينما تستزيده محطاته المتعاقبة، إذ يدركه ما كاد ينسي... فأراه و قد طال
وقوفه لديها_أو قصر_ يحمل ما تبقي لديه من ركاب، ثم يمضي... تاركا فيها جميل
أثره...