السبت، 25 أكتوبر 2014

الحب... المحبة... نظرة عن كثب

لا يشكر الله من لا يشكر الناس... و بطريقة ما، لا يمكنه أن يحدثك عن محبة الله من لم يذق محبة "أحد" خلقه... و لا أدري إن كان الصوفيون قد فطنوا سلفا إلي ذلك فاتخذوا عشق المرأة أو المحبوب طريقا إلي "العشق الإلهي"... و هل تخضع المحبة لتلك الفكرة البسيطة التي تتلخص في أنك لا يمكنك أن تصف مشاعر ما (كالجوع، و العطش، و الرغبة) إلا إذا كنت حقا اختبرتها يوما ما. ربما لا، فلذاك الشعور درجة عميقة و تراكمية "أو متدرجة" تعدو تلك المشاعر اللحظية. أو ربما كان اﻷمر غير قابل للقياس ﻷن لكل منا طبيعة و قلب تختلف درجة رقته و قسوته عن نظيره... و لكن، هل كان آدم ليدرك محبة الله الكامنة في قلبه لولا أن أحب حواءه و توحدا لتلك المرتبة التي يستوي لديك فيها العيش منعما في الجنة أو ضائعا في صحراء الأرض المقفرة طالما كنت برفقة ذاك الرفيق الاستثنائي... و هل تلك الخاصية التي ميزه الله بها عندما وصفه بالخليفة، بينما لم تعها الملائكة عندما وصفت علاقتها بالله بأنها التسبيح و التقديس... الحب مكون أساسي أودعه الله في كل ما صنع بيديه و أهداه الروح.. و قد منح كل كائن طريقته الخاصة في إدراك تلك الخاصية و التعبير عنها... و لكن _لسبب ما أجهله_ شاهت معالم تلك الخاصية عند الكائن البشري... فصار يبالغ في التفاعل مع تلك المشاعر بطريقة مجردة بعض الشيء... و يعكس عليها و بشتي الطرق عقده و مخاوفه و سطحيته و ماديته و رغباته الجسدية... و لذلك تفاوتت ردة فعل المجتمعات بحسب التصالح مع تلك المادية "لا الوازع الأخلاقي" بين القبول و الرفض... و ﻷن المحبة صارت مرادفا للرغبة، تجدها في مجتمعات الفصام أمرا خاضعا للسيطرة/الطلب... فيتم سجنها و تقييدها إلي أن يأتي "اﻹطار" المناسب لإطلاقها... أما تلك المجتمعات التي تتصالح مع تلك المادية... تنطلق الرغبة لتكون أساسا للقرب و البعد و تحدد بداية العلاقات و نهايتها... و عندما تخمد الرغبة نبحث عن الحب بداخلنا و حولنا، فلا نجده! الحب بكل صوره هو هدية الله للقلوب الحانية ليرقيها و القاسية ليطوعها... و لا يجوز بحال أن تحكمه المادة... و لأنه مرافق للروح يترقي في الطبقات و المراتب... و بحسب طبقته يكون الحب قادرا علي اختراق الحواجز و تجاوز الاختلاف... أن تكون محبا يعني أنك تكون متقبلا محبوبك بكل فعاله سواء أحببتها أم لا... سواء أفهمتها تماما أم لا... و لذا، فإن أردت أن تعرف محبة الله و قبول جميع فعاله، فلا تخجل من أن تجد لنفسك محبوبا... و اترك للمحبة مجالا لتغسل قلبك... و لا تحرص أن تملك من أحببت، و لا تندم أن أحببت يوما... فللقلوب لغة يفهمها من قام ببرمجتها... و هو _وحده_ القادر علي أن يعيد كتابة تلك الشفرة أو استبدالها حينما يريد.

الاثنين، 20 أكتوبر 2014

صلاة...

في كل مرة ظننت أنني وحيدة... غمرتني برسائلك الحانية... أنت أكبر من أفكاري... فلا تتركني كثيرا أفتقدك... أعدك أن أبقي دائما باحثة عنك... و لكن دعني أعرف دائما أنك برفقتي... و امنحني سلاما دائما برفقتك... احمني من تلك العيون المتربصة و القلوب التي لا أدري ما تشعر به نحوي... حررني من أرض الخوف الذي استبد بي... و ازرعني في أرض محببة لك... أنت أكثر جودا من أن أفكر إن كنت أستحق منك ذلك... و أنا لم أعرف يوما وطنا أكثر براحا منك... فكن وطني و مينائي و متكئي... و اجعلني برفقة من يراك حنونا رحيما... لا من يراك باطشا... أنت تعرف أني لم أسأل يوما سواك... و لم أحتج يوما سوي يدك... فاجعل حياتي لك صلاة و كلماتي  مناجاتك و صمتي إجلالك... امنحني سرا من أسرارك أخطو به في كونك كملكة... و ألهو كطفلة... و أرقص كزهرة تداعبها نسماتك... و اجعل قلبي بردا و سلاما... فلا يحترق بعشق و لا يقسيه جليد نفور... كن إلي أقرب من كل شيء... و قربني من كل ما يحتاج قربي... و زد روحي نورا و ألفة و أنسا... اجعل ابتسامي و دمعي و راحتي و ألمي و حياتي و موتي دربا يسيرا إليك... و إن لم تهبني رفقة وهبتها ﻵدمك... فلا تورثني  ضجره... و اغنني بك عما حجبت... و كن قريبا إن دعوتك... و قريبا إن غفلت... و قريبا إذ أقمت... و قريبا إذ تقلبت... و اجعل راحتي و هواي و تيهي و يقيني_ فقط _حيث شئت...