أنت من تملك
نفسك... أنت من تعرف سرك... أنت من تقبل الفكرة و تردها... حدد الله جسدك، و أطلق روحك،
فلم تجبرها علي التزام قالب ضيق؟
أعلمك الله
بحيز جسدك، و لم يعلمك بحيز عقلك... روحك و عقلك لا يعرفان حدودهما، و لكنهما يستطيعان
الانسياب... فمتي يمكنك أن تدرك ذلك...
حسنا، حياتك
إذن ملك عضود، وهبك الله إياه، فلم لا تفعل بملكك ما تشاء... لم لا تلهو كطفل، لم لا
تمرح كمن خلا قلبه من الهموم، لم لا تعطي عطاء من لا يخشي الفقر؟!
لماذا لا
تتعبد كراهب امتنع طوعا عن الرغبة و الاشتهاء، أو تدور و تترنح تيها كراقص صوفي، أو
تدرس كإمام مجتهد له طلابه و مريديه؟!
لماذا تتعاطي
كل يوم مزيدا من القيود و المسلمات و اللوائح و المسارات الإجبارية بحجة "سنة
الحياة"... هل جربت يوما ألا تأكل سوي لأنك جائع، أو تنام سوي لأنك غفوت... هل
منحت نفسك يوما لحظة اختيار حر تدرك فيها أمخير أنت أم مسير قبل أن تنخرط في الجدال
عن المسألة...
لماذا تقبل
بأنصاف الحلول و أشباه العلاقات... لماذا لا تُقبِل، إن أقبلت، بكُلِّك... لماذا تقول كلمات
الثناء علي سبيل المجاملة، و تترفع عنها إن كانت بحقها... لماذا لا تري ألما سوي ألمك،
و عيوبا سوي عيوب الآخرين؟!
لماذا لا
تعبر الجسور و تقطع المسافات من أجل من يحبك... لماذا تظن أن الله يقف بعيدا عنك...
لماذا تري محنتك، و لا تبصر ميزتك...
لماذا لا
تقدر ذاتك، و تري إنجازها و إن كان ضئيلا، تهديها الهدايا و الشوكولا، تحدثها و تناقشها
و تسير معها بمفردكما لتمنحها جانبا من اهتمامك و رعايتك...
لماذا لا
تعترف ببساطة أنك، كما الجميع، بشر تخطئ و تصيب و تقدر و تعجز و تستسلم و تيأس و تعود
ليملؤك الأمل من جديد... لماذا لا تعترف ببساطة بتلك الحقيقة الكامنة في روح الكون
منذ الأزل إلي الأبد... أن كل الأشياء تمر، و كلها يذهب... و لا يمكث سوي تلك التي
تستحق المكوث، و التي تصمد له...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق