"إن الطريق إلي قلب الرجل قد يجرف المرأة
بعيدا عن نفسها أحيانا"... ألم يكن هذا ما
حذرتك منه وردة الصحراء يا كيميا الغالية... ألم تحذرك من الانجراف في تيار
العشق... ألم تكن محقة تماما... معك كل الحق يا غاليتي، فليس الأمر بيدك، فمن من النساء
تعبأ بطول الطريق أو ما قد يجرها إليه من مخاطر إن كانت عيناها لا تبصران سوي ذاك القلب
القابع في نهايته... إنها حتي لا تبصر موضع قدميها إذ تسير... تمضي مسحورة إلي حيث
قلبه لا تدري أنها تخطو فوق جمر و شظايا، بل تخطو فوق قلبها و روحها أحيانا... إن أشقي
النساء يا كيميا الغالية ليست هي من انزلقت قدماها إلي عشق غير متبادل كما ظننت، و
إنما تلك التي ينتظرها في نهاية الطريق قلب رجل لا يهدأ و لا يستقر لدي شيء، قلب زاهد
لا يأبه _في رحلته الطويلة_ لما تكابده هي من ألم الوصول إليه، قلب له مقاييس خاصة
في القسوة و الحنو، يتفلت من حضن روحها قبل أن يسكن إليه، فتظل الروح عالقة به، لا
تتحول عنه و إن ابتعدت به الدرب... يغرق في غياهب الصمت الطويل بعد أن أضاء عقلها بحلو
حديثه، فيظل عقلها يبصر الدنيا بعينيه، و يردد عليها كلماته دون كلل أو انقطاع...
و رغم كل ذاك العناء، لا يمكنني أن أقول أنك
سيئة الحظ يا كيميا الغالية... بل ربما كنت أوفر النساء حظا... و أيقنهن علما... فلقد
عرفت من العشق ما لا و لن يعرفه سواك، لقد امتلكت كنزا بقلبك يا عزيزتي و لست علي يقين
إن كان شمسك قد فهم ذلك تماما أم لا... و لكنك تدركين _علي كل حال_ أنه قادك إلي أعمق
تيارات النهر، و أسلمك إلي حيث يمكنك أن تسبحي بأمان مفتوحة العينين علي كل الحقائق
التي لم تريها يوما سوي هناك... ففيم الألم يا غاليتي، و فيم العناء... لا تنظري خلفك
يا كيميا، تحرري من الخوف و الغرور قليلا، و دعي التيار الذي قادك إلي قلب شمس ينزعك
بعيدا جدا، حيث تمنيت دائما أن تكوني...
الحب لا يستحيل عدما يا كيميا، و أنت تعرفين
ذلك جيدا... و هو لا يستحيل مقتا أو إعراضا بحال... الحب فيض من جمال الله و بهائه،
و أنت إذ أحببت فقد تجلي الله عليك من باب خفي... فأشرقت روحك بفيض النور... و شفت
نفسك عن ألوان لم ينظرها بعد السوي... فهلا نفضت عنك الأغلال و تحررت من لغة الكلام
و أنصتت إلي صوت قلبك... فأنت إذ دخلت منطقة العشق، فلست بحاجة إلي اللغة... بل لست
بحاجة إلي شيء يا كيميا...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق