لم أعد مؤخرا أستطيع أن أري الحياة من حولي سوي بتلك النظرة الواقعية التي تتسم_غالبا_ بالكآبة... و حقيقة أنه لم يعد أحد... فالحديث عن التفاؤل في غمار ما يجري يبدو ضربا من السخف و الحماقة و الابتذال... و لكن_و رغم الواقع و الكآبة_ لا تزال الحياة تمثل لي تلك اﻷحجية اﻷزلية... فمن عجائب الحياة أنها تدع لك مساحة _و إن كانت صغيرة جدا_ للمتعة... ربما كانت قهوتك الصباحية، أو سؤالا من أحدهم تذكره بالكاد و لكنه يذكرك لتلك الدرجة التي تدفعه لتفقدك... ربما كان "تراك" جميلا اكتشفته و ظللت تعيده مرات و مرات علي سمعك... ربما أبسط من ذلك... فالحياة لا تطبق بسوادها جميعا... و ذلك يدفعنا ﻷن نكون علي اﻷقل، ممتنين... قد تمنحك الحياة أمرا جميلا تتفرد به في أحلك المواقف لا لتخرجك منها و لكن لتخفف حدة تلك الكآبة التي يمكنها أن تشوه معالم روحك لولا وجود أمر مماثل... أمورا تشبه عداس، ذلك الفتي الجميل الذي أتي للنبي محمد بالفاكهة بعد محنة الطائف و جلس إليه و أخذ يسمعه و يصدقه و يهيبه... أو تلك الهرة التي لازمت الصحابي الفقير تعوضه عن اﻷهل و الولد ليكون أبي هريرة أبيها إلي اﻷبد... أو ذلك الهدهد الذي دبر لقاء أسطوريا يجمع سليمان و بلقيس و الذي لولا عجائب الحياة لكان لقاءا مستحيلا... هكذا يمكن للحياة أن تصنع لنا ذاك الخليط العجيب لنمضي... و لو توقفنا لنسأل لماذا نمضي ما مضينا... اﻷمر ليس علي سبيل المكافأة... و لا علاقة له بكونك نبيا أو وليا... فقط صدق إن أردت... فالمعجزات تجري فقط علي يد من يصدق فيها في كل زمان...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق