الجمعة، 2 نوفمبر 2012

نافذتها السحرية!!



تقول:"دعاني صلي الله عليه و سلم و الحبشة يلعبون بحرابهم في المسجد في يوم عيد فقال لي: أتحبين أن تنظري إليهم، فقلت: نعم، فأقامني وراءه، فطأطأ لي منكبه لأنظر إليهم، فوضعت ذقني علي عاتقه و أسندت وجهي إلي خده، فنظرت من فوق منكبيه حتي مللت، قال: حسبك؟، قلت: لا تعجل، فقام لي ثم قال: حسبك؟، قلت: لا تعجل... و ما بي حب النظر إليهم و لكن أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي و مكاني منه..."

حديث عن عائشة رضي الله عنها، ربما يعرفه الكثير... و من يقرأ مطلع مقالي هذا ربما ظنه جزءا مقتبسا من كتب السيرة و الحديث و شروحهما، أو أنه لن يخرج في سياقه عن كونه درسا أو وعظا أيا كان الهدف منه، و لكن من يتمهل قليلا قد يري الرؤية التي أتناولها، و العمق الذي أراه لتلك القصة.

لست بحاجة للحديث عن عِظَم خُلق هذا الرجل، فلا يمكنني أن أسع نُبله و رحمته و كرمه و احتوائه وصفا، كما أن هذه المرأة تحديدا في غنيً تام عن الحديث عن مآثرها، فهي من أفضل النساء شرفا و أدبا و حكمةً و علما، غير أنها من أكثرهن جمالا...

و لكن... هل تغني حكمة المرأة أو رجاحة عقلها أو حدة ذكائها عن احتياجها لرجل، ربما كان رجلا غير عادي  هذا الذي تناسبه تلك المرأة غير العادية، و لكنه يبقي، دون أدني مبالغة، نافذة تطل منها علي الدنيـــا...

عندما أتأمل تلك القصة، دون إغفال لما تحمله من مشاعر حب و احترام و تقدير من رجل عظيم لامرأته الحديثة السن، الحريصة علي اللهو ( علي حد تعبيرها)، أتخيل سعادتها و هي تنظر من خلاله علي شيء جديد لم تره قبلا... تستمد تلك المتعة و السعادة لا من عرض لأحباش يرقصون بالحراب، و إنما بمشاركته إياه، و بأنه يرافقها لا يسأم أفعالها الطفولية التي أكاد أجزم أنه لا توجد امرأة علي وجه الأرض، مهما بلغت من العمر أو النضج، لم تحظ بنصيب منها!

ليتفق معي من يتفق، و ليختلف من يختلف، فأنا أري الرجل نافذة امرأته السحرية علي دنيـــا ربما لم ترها، و ربما رأتها و لم تفهمها، و ربما فهمتها و لكنها من خلاله تزداد فهما و استمتاعا بكل ما تفهم... و لا أنتقص بذلك من قدرها أو قدراتها، و إنما أرتفع برؤيتي و تخيلاتي لرجل زماننا الذي ينصب من نفسه، إلا ما رحم ربي، نظارات طبية لمعالجة قصر النظر، بغض النظر عن سلامة نظر المرأة من قصره، فهو يفترض فيه القصر ابتداءً... و المطلوب منها ببساطة... أن (تتكيَّف)!

أتخيله و هو يغمرها احتواءً، لا يستخف بشيء قد يسعدها، و إن بدا له ساذجا... تُطِل من شرفة رجولته، فتري ضوءَ محبةٍ يفيض عليها، و يلوّن عالمها بلون محبب إلي نفسها، تتضاءل معه الكثير من منغصات الدنيــا... لون تري نفسها معه أكثر إشراقا و جمالا، و تري ملامحها أكثر تحديدا و وضوحا...

يالها من شرفة ساحرة، تري من خلالها إيمانه بها و قد ملأ نفسها إيمانا بقوة خفية لديها، لا يمكن لقوة في الأرض أن تكسرها...

و أحب كثيرا أن أقول أنني لا أُقلل من قدر رجل زماني، و لا أنتقده بكلامي، و لا يمكنني أن أفعل ذلك لأنني ببساطة شديدة لست أهلا لمثل هذا الفعل!! و إنما فقط أسلط بقعة ضوء علي منطقة شديدة الرُّقي، أغفلناها أو تغافلناها أو انشغلنا عنها فذابت كذرة مِلح في شلالات ماديتنا التي لا ترحم...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق