الاثنين، 12 نوفمبر 2012

عفوا سيدي... قد أخطأت التشخيص!


"يصعب فهمهن"... "يتغيرن و يتقلبن"... "يكفرن العشير"... "غيرتهن خارج حدود المعقول"... و قد يقول أمثلهم طريقة، "ناقصات عقل و دين"!!

حقا، هؤلاء هن النساء، و أنا واحدة منهن، و لا يسعني إنكار أي من ذلك... و لكن، مهلا سيدي، قبل إحضار القوالب سابقة الصنع و استحضار الأحكام المجهزة سلفا... هل سبق أن تساءلت يوما: ما الذي يدفع النساء أن يكنّ كذلك؟؛ و لماذا يضيق أكثر الرجال ذرعا بالاختلاف الذي هو أساس العلاقة بينهما، و الذي يعلمون تمام العلم أنه حاصل لا محالة؟!

قد تبدو أفعال المرأة في كثير من الأحيان غير مبررة، بل و ينقصها النضج و الاحتكام إلي العقل... و قديما قال حكيم:" لو علم كلٌ منـــا ما في نفس أخيه لأشفق عليه!!"... و رغم أنني أجزم تماما أنه لا يمكن لأحد أن يعلم ما بنفس أخيه علم اليقين، فأنا أري أن بعض محاولات التفهم عن كثب قد تفيد...

رأيت يوما عالما مهيبا، يتحدث بسيرة رسول الله (صلي الله عليه و سلم) و يقول بثقة تامة:" يلتمس رضاها و هو الغني عنه، هكذا أحبائي كان تواضع المعصوم، صلوات ربي و سلامه عليه"!!... استوقفتني كلمات الرجل_و مع كامل احترامي_ قلت في نفسي... عفوا سيدي، قد أخطأت التشخيص!!

سيدي... لماذا قد تعد التماس الرجل رضا حبيبته، تلك التي يُفترض فيها أن تلتمس رضاه في كل جانب من جوانب حياتها بل و_في كثير من الأحيان_ جوانب شخصيتها أيضا،  أنه أتي علي سبيل التواضع الجم، و أنه علي حد تعبيرك: غني عن رضاها!!

تساءلت في نفسي... لماذا قد يلتمس رجل _و خاصة كمن ذكرت قبلا_ رضا حبيبته، و زاد من إلحاح سؤالي أنه لم يكن استرضاءً من غضب، و لكنه استرضاء مداعبة و تودد، فيقول لها "إني لأعلم إذا كنت عني راضية و إذا كنت عليّ غضبي"!!... نعم، فهي تغضب منه، و قد تحرص_ كعادة النساء_ ألا تُظهر غضبها، بل و ربما تقول في نفسها: "يجدر به أن يعلم وحده"، أو: "ربما ضجر بضآلتي و ضآلة ما قد يغضبني!"

أراه ليس اعتلالا بالنفس، ذلك الذي قد يجده رجل من امرأته فعلا و قولا... و لكنها تلك العاصفة التي تعصف بها دوما، ذلك المزج الربّاني العجيب من الخوف و القلق و الحب الأمومي الذي يحتلها بالكلية حتي يكاد يفرغ قلبها تماما من كل ما يشغله سوي من تحب، و الذي أتصور أن من دونه لا تكون النساء نساءً!!

أتصور أن الرجل إذا استسلم لفطرته السليمة، متفقدا تلك الرحمة و الاحتواء الذي أودع الله قلبه، فإنه قد يري بعين قلبه ما تَكذُبُه عينه المبصرة، فيري ما وراء الغضب من حب، و ما وراء الاندفاع من غَيرة، و ما وراء حوار ظاهره الامتلاك من أمومة مفرطة، و ما وراء الصمت من احترام، و ما وراء الثرثرة من احتياج... فتنكشف له دنيا جديدة وراء هذا الباب الذي يمتلك مفتاحه الصغير بين إصبعيه.

إنها لا تنتظر منه فقط أن يحبها و أن يفهمها، بل أكثر من ذلك  أن يؤكد لها دوما أنه يفعل، فدوامة أفكارها دائما ما تباغتها بفِكَر سلبية تتمكن من عقلها و روحها معا، و تدعها تشعر أنه قد يكون لسبب ما... تغيّر! و بمفتاحه الصغير، قد يغير الكثير، فتتحول الأفكار السلبية في رأسها الذي لا يمل إلي طاقة غير عادية، و إبداع فوق كل ما يتخيله!

بفطرته السليمة، أراه يتفهم ذلك كله، فلا يعوقه ما يحيط بالرجل من هالة كرامته أن يلتمس رضاها،و ليس يفعله بدافع التواضع الذي يملأ نفسه العظيمة، و لا لغضب يعلمه منها، و إنما ليزيدها يقينا بمكانها من نفسه، و يزيد روحها اطمئنانا بأنه_ رغم ما قد يشغله_ لا ينشغل عنها... حتي أنها لتعجب منه فتقول "من أين تعرف ذلك؟" فيقول دون غضاضة " أمّا إذا كنت عني راضية، فإنك تقولين: لا و رب محمد، و إذا كنت عليّ غضبي، فإنك تقولين: لا و رب إبراهيم"!... فتبتسم ابتسامة الواثقة و التي زادتها صحة مقالته ثقة، و تقول كأنما تطلعه علي سر طالما خبأته بنفسها "أجل، و الله يا رسول الله ما أهجر إلا اسمك"...

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق