السبت، 1 ديسمبر 2012

هذيــــان حلــــم!!



جلس في هدأة الليل إلي صغاره المدللين، طلب إليهم أن يسكنوا قليلا كي يبثهم أمرا… يعلم جيدا كم تسأم نفوسهم الصغيرة وقع كلماته المنظمة، و لكنهم_رُغم ذلك_ تحلقوا حوله لينصتوا إليه في شغف طفولي بريء...

لقد اعتادوا أن يجلسوا إليه ليقصهم حكاياه الممزوجة بسحر خياله، فيجتاز بهم مدي الدهر و حدود المكان... و لكن تلك المرة بدا مختلفا، ففي صوته شجن كسير، و علي  ملامحه مِسحة حزن لم يسبق لهم أن رأوها تعلو وجهه...

"اسمعوا لي يا صغاري، فالله وحده يعلم كم أحبكم... لقد عاهدته كثيرا أن أكون لكم الأمان و الحماية... عاهدته كثيرا أن أترك لكم عالما أفضل لتعيشوا به...  وحده الله هو من يعلم كم يعتصرني قلقي عليكم..."...أطرق شارد الذهن، فإن مجرد تفكيره بأن مكروها قد يُلمَّ بهم _لا قدَّر الله_ يصيبه بغُصة في حلقه، بل يكاد يعصف به و يُذهب نفسه حسرات!!

نظر إلي وجوههم الصغيرة ذات القسمات الناعمة التي لم يعبث بها الزمن بعد... ابتسم لهم في شفقة، ربما لم يفهموها، و لكنه كان واثقا أنهم لو شعروا بها، لأخذتهم به شفقة لا حدَّ لها...

 "... و رغم ذلك، أنا لا ألومكم يوما إن لمتموني أو كرهتموني أو حتي لعنتموني... و كيف ألومكم إن كنت ألوم نفسي، و أكرهها و ألعنها و أخجل من الله و منكم و منها... نعم، فالحقيقة أنني أخجل كثيرا لما فرطت فيما عاهدت الله... و وعدتكم!!"...
*****
لم يكن يعلم علي وجه التحديد كم كانت الساعة عندما فتح عينيه... و لكنه رأي خيوط الشمس الأولي تتسلل من شرفة غرفته معلنة عن صباح جديد... فانتفض من نومه و ابتسم ابتسامة العائد من رحلة طويلة متمتما " أيها الصغار، سامحوا تقصيرنا و اعذروا بشريتنا... سامحونا إن نحن أنجبناكم، و اعذرونا إن لم نفعل!!"

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق